ما هو النسئ ؟
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿(التوبة :٣٦)
“ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ “ نجد أن الله تعالى قال “عِدَّةَ “ ولم يقل عدد ، كما فى قوله تعالى “وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ” معنى ذلك أن الأمر يحتاج إلى حسابات حتى تكتمل الشهور وتكون “ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا” ، وأن منها “ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ” وهو محرَّم فيها الصيد والقتال “ فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ..﴿التوبة :٥﴾، وذلك لحكمة أن هذه الأشهر تكون فترة التزاوج والتكاثر والزراعة ، فإذا لم تُحدد فترة الأربعة الحرم وهى للحفاظ على البيئة ، تكون الآثار مدمرة وتنعكس على الجميع ، ولذلك كان الأمر من الله تعالى “وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً” ، ولكن مالفرق بين “فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ “ “وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ “ ؟ هل القتل بمعنى الحرب أما قاتل له وسائل كثيرة وأهمها العلم ، وهو معرفة كيفية حساب دورة القمر والشمس ؟
نقطة أخرى ما علاقة المشركين فى سياق معرفة عدة الشهور ؟ فهنا المشركين الذين يستخدموا نظام آخر غير نظام الله تعالى وهو “الرَّحْمَٰنُ ﴿١﴾ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴿٢﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ ﴿٣﴾ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴿٤﴾ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴿٥﴾” فمن بداية خلق الإنسان وعلَّمه البيان كان هناك معرفة كيفية التقويم والحساب من خلال معرفة دورة الشمس والقمر معا “ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ “ ، لا شمسية ولا قمرية ، وبالتالى من يفعل غير ذلك يكون من المشركين ، وهذا أمر عظيم عند الله تعالى .
“إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ “..
إذن ما هو “النَّسِيءُ “ ؟
“النَّسِيءُ” لغويا هو الُمؤجٍٍل أى الشهر المؤجٍٍل ، ماذا يعنى المؤجٍٍل؟ كما نعلم أن وحدة قياس دورة القمر حول الأرض هي الشهر وهو 29.5 تقريبا وعليه 12 شهر تساوى 354 يوم ، فى حين وحدة قياس دورة الأرض حول الشمس هي السنة 365 يوم تقريبا، فهناك فارق 11 يوم ، فحتى تتطابق الأشهر مع الفصول البيئة تكون هناك زيادة 11 يوم كل سنة إذا إعتبرنا 12 شهر تساوي سنة كاملة ، ولذلك تصبح الزيادة شهر كامل بعد 32 شهر ويكون الشهر33 هو النسئ وحتي يصبح الشهر 34 في مكانه الطبيعي مطابق للبيئة، ولذلك لا يدخل النسئ فى العِدة ، ويُصبح مكرر للشهر الذى قبله ، وعليه يصبح فهم كلمة “عَامًا” أنها 33 شهر ، وفى كل 19 سنة يأتى النسيئ 7 مرات ، وهذه تسمى الدورة الميتونية ، وهذا كما يبدو هو ما كان يبحث عنه سيدنا إبراهيم
“وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴿٧٥﴾ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴿٧٦﴾ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿٧٧﴾ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿٧٨﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿الأنعام :٧٩﴾
عندما أراد أن يضع تقويم فكان طلبه “قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ “
هل يأخذ في الإعتبار (هَٰذَا رَبِّي) فى حساباته كوكب معين أم القمر أم الشمس ؟ وهو برئ من المشركين الذين يتبعوا نظام آخر فى التقويم غير نظام الله تعالى ..
إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿التوبة: ٣٧﴾
فيكون “إِنَّمَا النَّسِيءُ “هو حقيقة وليس وَهْم بدليل ““إِنَّمَا” تفيد الحصر والقصر فهو تحديد من الله تعالى ، وواضح من الآيات أن هذا النظام كان معروفاً ومُتَّبع أيام الرسول ، لكن كانت هناك جهات معيَّنة لمصلحتها”يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا “، ماذا تفعل ؟ كانت ““ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا” ، لماذا ؟ “ لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّـهُ “ يعنى إيه ؟ أى ليتخطوا “عِدَّةَ “ وهى “أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ” ، لماذا ؟ “ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّـهُ” سواء الصيد فى فترة التكاثر يكون سهلا أو للحروب والقتال ، فيكون التدمير والهلاك للبيئة ، وهذا طبعا نتيجة “ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ “ ، فكل إنسان متصوِّر أنه يفعل المصلحة .
والآن دعوة للحوار والتفكير .
لماذا نعطي الأشهر أسماء مختلفة إذا كان الشهر هو دوران القمر حول الأرض ولا علاقة له بدوران الأرض حول الشمس؟ والمعروف أن هذه الأسماء وضعت قبل نزول القرآن علي النبي محمد وعليه إذن لابد أن تكون هذه الأسماء لتحديد مكان الأرض حول الشمس, هذا يعني أن هذه الأسماء تحدد فصول السنة. وهذا بدون أي شك أن إسم شهر الربيع لتحديد بداية فصل الربيع.
مثال للإيضاح
إذا أدان رجل رجل آخر واحد يورو كل يوم, ثم بعد 12 شهر يحسب الدين علي إنه قدر سنة ثم يحسب بعد 24 شهر دين سنتين وبعد مرور 32 شهر يحسب عليه دين قدره سنتين و ثمان أشهر ,وبذلك يكون خدعه في 29 يورو.
الحساب القمري: 32 * 29,53 = 944,96
الحساب الشمسي: سنتين وثمان أشهر = 365,24 * 8/12 + 2 * 365,24 = 973,97
إذن الفارق يساوي 29 يوم أي شهر كامل
والسبب أن 12 شهر تساوي 354 يوم في حين السنة 365 يوم ولذلك كانت الزيادة 11 يورو كل سنة. وبعد 32 شهر تصبح الزيادة 29 يورو, ولذلك وجب علي الرجل إعطاء الآخر واحد يورو لمدة شهر آخر بدون أن يدخله في الحساب ولذلك يحسب الشهر رقم 33 علي إنه تكرار للشهر رقم 32.
ولذلك يصبح الشهر 33 هو النسئ ولا يمكن إدخاله في العدة وعند ذلك يبقي كل شهر في مكانه مرتبطا بالفصول الأربعة. وأهم شئ هو إرتباط الأشهر الحرم بمكانهم الطبيعي للحفاظ علي البيئة. وهي الأشهر التي تتكاثر فيها الطيور والحيوانات وبداية الموسم الزراعي. وإن لم نزرع لن نحصد ولذلك حرمت أيضا فيها الحروب. وبذلك لا يظلم فيها الإنسان نفسه.
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّـهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿التوبة: ٣٦﴾